لام الجحودِ هي لام مكسورة تدخل على الجملة الفعلية فتنفيها، وتكون مسبوقة بكون ماضٍ ناقص منفي فهي تقع بعد (ما كان) أو (لم يكن) ، وسماها بعضهم لام النفي، وتفيد النفيِ القاطعِ والإنكارِ التام لما قبلها وما بعدها.
نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ
لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ
سَبِيلًا ﴾ [النساء:
137]
وقوله تعالى: ﴿ فَمَا
كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ (الروم: 9)
* أثرها ألإعرابي:
ينصب الفعل المضارع بعدها بأن مضمرة وجوبا، وتجر المصدر المؤول من أن المضمرة والفعل المضارع المنصوب ويكون المصدر المؤول متعلق بخبر محذوف تقديره: مُريدا أو راغبا أو قاصدا...
وذلك باجتماع شروط ثلاثة؛ وهي:
1. أن يسبقها فعل كون عام ناسخ ماض.
2. أن يكون منفي بـ"ما" أو بـ
"لم". وتختص
"ما" بالدخول على: "كان"، الماضية الناسخة، وتختص "لم"
بالدخول على المضارع المجزوم "يكن"وتحول زمنه إلى ماض.
3. أن يكون بعد الكون المنفي اسمه ظاهرا أو مضمرا ويكون
خبره محذوف.
أمثلة:
- ما كان المجتهدُ ليرسبَ في الاختبار.
- ما كنتُ لأهملَ صلاتي.
- لم يكن الطالبُ ليفشلَ لولا إهماله.
* أثرها
المعنوي:
تؤكد النفي الذي يسبقها؛ ولذلك اشترطوا لصحة "لام الجحود" ألا ينتقض النفي
بعدها بشيء مثل إلا الاستثنائية -أو إحدى أخواتها- فلا يقال: ما كان المجتهدُ
إلا ليذاكر جيدا؛ لأن "إلا" هذه تنقض النفي السابق عليها، وتجعل ما بعدها
مثبتا. وهذا مخالف لما تتطلبه لام الجحود من نفي ما قبلها وما بعدها معا بحرف
النفي المذكور
في صدر جملتها.
-
*ملاحظات وتنبيهات:
1. اختلف في خبر الفعل الناقص:
أ.
فيجوز قولنا أنه محذوف ويقدّر بحسب المقام (بـ
مُريدا أو راغبا، أو مستعدا أو قاصدا... ) وتتعلق به لام الجحود مع المصدر المجرور
بها، لأن «أن» المصدرية تضمر بعدها وجوبا. وهذا مذهب البصريين.
ب. ويجوز تقدير الجملة الفعلية الواقعة بعد اللام
الجحود في محل نصب خبر الفعل الناقص وهذا مذهب الكوفيين.
*نموذج لتوضيح الإعربين:
قال تعالى: {ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي
دِينِ الْمَلِكِ ... } [يوسف ٧٦/ ١٢].
الإعراب
الأول:
﴿لِيَأْخُذَ﴾:
الّلام: لام الجحود والإنكار. حرف جر مبني على الكسر. يأخذ: فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد الّلام، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره
"هو"والمصدر المؤول من "أن يأخذ" في
محلّ جرّ باللام، والجارّ والمجرور متعلّقان بمحذوف خبر "كان".
الإعراب
الثاني:
﴿لِيَأْخُذَ﴾:
الّلام: لام الجحود والإنكار. حرف جر مبني على الكسر. يأخذ: فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد الّلام، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره
"هو"والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر
كان.
2. إن ذُكر خبر كان قبل اللام كانت لام تعليل وليست
لام جحود.
ومن
الأمثلة على ذلك:
- لم يكن الطالب ُحاضرًا ليشتركَ في الامتحان.
- ما كان صالحٌ مذنبًا ليعتذرَ.
- لم يكن المؤمنُ قاسيًا لينهرَ المُحتاج.
فالكلمات:
حاضرا، مذنبا، قاسيا: خبر الفعل الناسخ منصوب.
والأفعال:
ليشتركَ، ليعتذرَ،
لينهرَ: اللام: لام التعليل والمضارع بعدها منصوب بأن المضمرة جوازا.
3. إذا جاء فعل كان تام جاز إظهار (أن) بعده، لأنها حينئذ لام
التعليل نحو "ما كان الإنسانُ ليعصيَ رَبَّهُ، أَو لأن يعصيَهُ"، أَي ما
وُجد ليعصيه.
4. فاعل المضارع الذي تدخل عليه لام الجحود لا يكون
اسما ظاهرا غالبا، بل يكون ضميرا مستترا جوازا.
5. لا يجوز أن يتأخر اسم كان أو يكون بعد لام
الجحود والفعل، فلا يقال: "ما كان لِيقومَ زيدٌ"، لكن تقول: "ما
كان ليقوم. فاسم كان محذوف تقديره هو، أو ما كان زيدٌ ليقوم.
*نماذج إعرابية:
*قال
تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ ﴾[ الأنفال:
33]
- ﴿وَمَا﴾: الواو: حرف عطف.
- ما: حرف نفي.
- ﴿كَانَ﴾: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
- ﴿اللَّهُ﴾: لفظ الجلالة اسم "كان"
مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- ﴿لِيُعَذِّبَهُمْ﴾: اللام: لام الجحود. يعذب:
فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود، و "هم": الهاء ضمير مبني على
الضم في محل نصب مفعول به، الميم علامة الجمع.والفاعل: ضمير مستتر تقديره هو.
- والجار والمجرور متعلقان بخبر كان المحذوف
المقدر بكلمة (مريدا)، والتقدير وما كان الله مريدا لعذابهم أو لتعذيبهم وأنت
فيهم.
- ﴿وَأَنْتَ﴾: الواو: حالية.
- أنت: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ.
- ﴿فِيهِمْ﴾: جار ومجرور متعلقان بخبر المبتدأ
"أنت".
*************************
*قال
تعالى: {فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا
بِهِ مِنْ قَبْلُ } [يونس ٧٤/].
-
﴿فما﴾: "الفاء" حرف عطف مبني على الفتح، و( ما ) حرف نفي مبني
على السكون.
-
﴿كانوا﴾: فعل ماض ناسخ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، و"واو
الجماعة" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم كان.
-
﴿ليؤمنوا﴾: "اللام" لام
الجحود، حرف جر مبني على الكسر، و( يؤمنوا ) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وعلامة
نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، و"واو الجماعة" ضمير متصل مبني
على السكون في محل رفع فاعل، والجملة في تأويل المصدر مع اللام متعلقان
بمحذوف خبر كان.
-
﴿بما﴾: "الباء" حرف جر مبني على الكسر، و( ما ) اسم موصول مبني
على السكون في محل جر بالحرف.
-
﴿كذبوا﴾: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، و"واو
الجماعة" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، والجملة صلة الموصول لا
محل لها من الإعراب.
-
﴿به﴾: "الباء" حرف جر مبني على الكسر، و"هاء الغائب"
ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالحرف.
-
﴿من﴾: حرف جر مبني على السكون.
-
﴿قبل﴾: اسم ظرفي مبني على الضم في محل جر بالحرف.
*************************
*قال تعالى: {قَالَ
لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
}[الحجر: 33 ]
-
﴿قال﴾: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو".
-
﴿لم﴾: حرف نفي وجزم مبني على السكون.
-
﴿أكن﴾: فعل مضارع ناسخ مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر، واسم أكن ضمير
مستتر تقديره "أنا".
-
﴿لأسجد﴾: "اللام" لام الجحود، حرف جر مبني على
الكسر، و( أسجد ) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل
ضمير مستتر تقديره "أنا"، والجملة في تأويل المصدر مع اللام متعلقان
بمحذوف خبر أكن، وجملة: ( لم أكن ...
) في محل نصب جملة مقول القول.
-
﴿لبشر﴾: "اللام" حرف جر مبني على الكسر، و( بشر ) اسم مجرور
وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
*************************
*قال
تعالى: ﴿ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ
لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ﴾ [ يوسف: 76]
-
﴿ما﴾: حرف نفي مبني على السكون.
-
﴿كان﴾: فعل ماض ناسخ مبني على الفتح، واسم كان ضمير مستتر تقديره
"هو".
-
﴿ليأخذ﴾: "اللام" لام الجحود، حرف جر مبني على الكسر، و( يأخذ ) فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو"، والجملة
في تأويل المصدر مع اللام متعلقان بمحذوف خبر كان.
-
﴿أخاه﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة،
و"هاء الغائب" ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
-
﴿في﴾: حرف جر مبني على السكون.﴿دين﴾: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
-
﴿الملك﴾: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
*************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق