اقتران
جواب الشرط بالفاء
يجب في فعل الشرط أن
يكون فعلًا: خبريًّا، متصرفًا، غير مقترن بـ قد،
أو لن، أو ما النافية، أو السين، أو سوف.
ويجب في جواب الشرط:
أن يصلح لأن يكون شرطًا، فيُشترط فيه أن يكون فعلا غير طلبي ولا جامد ولا منفي،
وغير مسبوق بالسين أو بسوف أو قد. فإن اختل أحد هذا الشروط وجب اقتران جواب الشرط
بالفاء التي تُعرف بالفاء الرابطة لجواب الشرط. وسبب اختيار الفاء للربط، هو أنها
تفيد السبب عموما في الشرط وغيره.
حالات وجوب اقتران
جواب الشرط بالفاء:
1. جملة اسمية:
- منفية: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٧﴾، سورة الأنعام: 17.
- مثبتة: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ البقرة: 184
2. إذا كان جملة فعلية
فعلها طلبي: إي مبدوئة بـــ: أمر أو نهي أو استفهام أو نداء أو دعاء.
· أمر نحو قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ ٣١﴾، سورة آل عمران، الآية 31.
· استفهام نحو قوله تعالى: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن
يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ۖ فَمَا
تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾
· نهي نحو قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا
تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ الأنفال: 15
3. إذا كان جملة فعلية فعلها جامدًا:
- ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ...﴾
سورة البقرة، الآية 271.
- ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ
فِي شَيْءٍ
إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى
اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28]
-
﴿ فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ
الْمُفْلِحِينَ﴾[ القصص: 67]
4. إذا كان جملة فعلية فعلها منفي بـ(ما): ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى
اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ ٧٢﴾، سورة يونس، الآية 72.
5. فعلًا منفيًّا بـ(لن): ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ ٨٥﴾، سورة آل عمران، الآية 85.
6. فعلًا مقرونًا بـ(قد): ﴿قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ
وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ
شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ٧٧﴾، سورة يوسف، الآية 77.
7.
فعلًا مضارعًا مقترنًا بـسوف
أو بالسين
نحو قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ
وَيَهْدِيهِمْ
إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ [ النساء: 175]
ونحو قوله ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
... ﴾ المائدة: 54
8. أن
يُصَدَّر بـ (كأنما):
نحو: ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].
9. أن
يصدر بأداة شرط:
نحو: ﴿ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ
فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ﴾ [الأنعام: 35]، فـ: إن استطعت: في محل جزم على أنها جواب الشرط الأول،
وجواب الشرط الثاني محذوف،
والتقدير: إن استطعت فافعل.
10. أَن يصدر جواب الشرط بـ "ربما":
نحو : إن ترافقني فربما ابتهجت.
فوائد وتنبيهات:
*دخول
الفاء جوازا على الجواب:
إن كان الجواب صالحًا لأن يكون شرطًا، فلا حاجة إلى ربطه بالفاء؛ لأن بينهما مناسبة لفظية تغْنِي
عن ربطه بها، كأن يكون المضارع مثبتًا، أو منفيًّا بـ (لا) فيجوز أن يربط بها، وألا يربط، وترك
الرابط أكثر استعمالًا. نحو قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ ﴾ [آل عمران:
120]، ومن الربط بها قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾ [المائدة: 95]،
وقوله: ﴿ فَمَنْ يُؤْمِنْ
بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾
[الجن: 13]
*الفعل المضارع المثبت والمنفي بلا إن دخلت عليه الفاء كان على إضمار مبتدأ:
نحو قوله تعالى:
﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ المائدة: 95
﴿ومن﴾: "الواو" حرف عطف مبني على الفتح، و( من ) اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
﴿عاد﴾: فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو".
﴿فينتقم﴾: "الفاء" حرف واقع في جواب الشرط مبني على الفتح، و( ينتقم ) فعل مضارع مرفوع
وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
﴿الله﴾: اسم الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والجملة في محل رفع خبر لمبتدإ
محذوف تقديره "هو"، وجملة: ( هو ينتقم الله منه ) في محل جزم جواب الشرط، والشرط وجوابه
في محل رفع خبر المبتدإ ( من ).
﴿منه﴾: ( من ) حرف جر مبني على السكون، و"هاء الغائب" ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالحرف.
وقال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ سورة الأحقاف: 8
﴿فلا﴾: "الفاء" حرف واقع في جواب الشرط مبني على الفتح، و( لا ) حرف نفي مبني على السكون.
﴿تملكون﴾: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، و"واو الجماعة"
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، وجملة: ( فلا تملكون ) في محل رفع خبر لمبتدإ
محذوف تقديره "أنتم"، والجملة في محل جزم جواب الشرط.
﴿لي﴾: "اللام" حرف جر مبني على الكسر، و"ياء المتكلم" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالحرف.
﴿من﴾: حرف جر مبني على السكون المقدر لالتقاء الساكنين.
﴿الله﴾: اسم الجلالة اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
﴿شيئا﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
*هل
يقع الاستفهام جوابا للشرط من غير فاء؟
إذا وقع استفهام بعد جملة فعل الشرط من غير فاء كان الجواب محذوفا ويقدر من
خلال الكلام.
قال تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ }.
(إِنْ) شرطية جازمة (أَتاكُمْ) فعل ماض، والكاف مفعوله وهو في محل جزم فعل الشرط (عَذابُ) فاعله (اللَّهِ) مضاف إليه (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) عطف، وجواب إن محذوف والتقدير: فمن تدعون؟
(أَغَيْرَ) الهمزة حرف استفهام، غير مفعول به مقدم (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (تَدْعُونَ)
مضارع مرفوع بثبوت النون،
والواو فاعله، والجملة مستأنفة.
*يمتنع
الاقتران في حالتين :
1- في الماضي غير المقترن بــــــــ
( قد )
2- المضارع المنفي بـــــــــــ (
لم ) .
يجوز
أن تغني (إذا) الفجائية عن الفاء في الرابط
فقد تقوم مقام الفاءِ حين تكون أَداة الشرط "إِنْ" أَو "إِذا". على أَن يكون جواب الشرط جملة اسمية مثبتة؛
مثال قوله تعالى: { ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ الزمر: 45
هم يستبشرون: جواب الشرط جملة اسمية.
وقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ﴾[ الروم: 25]
انتم تخرجون: جواب الشرط جملة اسمية.